من كان يتوقع ما جرى وأن يفقد (عم زعران) الذى يبلغ التسعين من العمر كل ما يملكه بسبب زغطه أصابته فجأه؟؟!!
والحكايه أن عم (زعران) كان يزور ولده الأكبر (سعيد) الذى يعمل كاتبا فى أرشيف وزارة الماليه , وهو ما كان يفعله مرتين كل أسبوع, ويزور ابنه الأوسط (مسعود) مرتين أيضا كل أسبوع , وابنه الأصغر (سعد) مرتين أسبوعيا
وذلك بالرغم من أن عم زعران فى التسعين الا أنه كان يمتلك صحة يحسد عليها ولم يذهب الى طبيب فى عمره حتى ان أهل قريته كانوا يتندرون بأنه سيعيش ليدفن أبناءه الثلاثه وبدلا من أن يرثوا هم فدادينه الثلاث سيرث هو معاشهم
والحكايه بدأت -كما قلنا- عندما كان عم زعران يزور ابنه الأكبر الذى احتفى بمجيئ والده -مضطرا وخشية الحرمان من الميراث- فذبح لوالده دجاجه كامله وهو الأمر الذى اعتاد عليه (زعران) كلما زار أحد من أبنائه الثلاثه فى الأيام السته التى يزورهم فيها...أما يومه السابع فكان يقضيه صائما!!!
ويبدو أن أعين أطفال الابن الأكبر راحت تحسد الجد وهو يلنهم الدجاجه السمينه دون أن يترك حتى عظامها سليمه,فما لبث أن أصيب الجد بزغطه حاده فشلت فى التخلص منها كل زجاجات المياه الغازيه التى شربها وكذلك كل الضربات التى نالها من أحفاده المغتاظين فوق ظهره عسى أن تخلصه من الزغطه....ومن الدجاجه التى التهمها أيضا!
وبدا أن هناك أملا قد راح يداعب الابن الأكبر فى أنه قد يرث والده بأسرع مما تصور ولكن (زعران) الأب بدأ يشعر بالخطر فصاح قائلا:أنا لازم أروح لمستشفى حالا....ودونى أقرب مستشفى
وكان أقرب مستشفى من نوع الخمس نجوم, واستشقبلهم مدير المستشفى وهو نفسه صاحبها فى مكتبه الممتلىء بالعديد من شهادات الدكتوراه الأنيقه فى اطارات مذهبه, وقال لهم باسما فى حلته الأنيقه:اطمنوا....تقدروا تسيبوا الحاج أمانه فى ايدينا...واحنا حنعمل له اللازم وباذن الله حيخف ويبقى عال
وعندما خرج الابن من المستشفى قالت له زوجته فى ارتياح معلقة:ياسلام ..نضافة ايه وشياكة ايه فى المستشفى دى .. أهو الواحد لما يحب يصفى يبقى ييجى هنا
وفى اليوم التالى عندما ذهب الأبناء الثلاثه للاطمئنان على والدهم استقبلهم مدير المستشفى هاشا وهو يقول:اطمنوا خالص.... الزغطه راحت, بس احنا اضطرينا نعمل للحاج عملية فى القلب فى أوضة العمليات نمره واحد
فتساءل الابن الأكبر ذاهلا:عملية فى القلب ازاى... ده انا أبويا قلبه زى الحديد؟
فأجابه المدير الطبيب الحاصل على لقب(بروفيسير) من بلاد الفرنجه:ماهو الحديد بيصدى يا كابتن. على العموم تقدروا تروحوا وتيجوا بكره تتطمنوا
فلما عادو فى الغد استقبلهم المدير البروفيسير فى حماس قائلا:الحمد لله عملية القلب نجحت
فسأله الابن الأوسط يعنى نقدر نزور والدنا دلوقتى؟
فرد المدير البروفيسير قائلا:لأ .. مش ممكن .. لأن الحاج دلوقتى فى أوضة العمليات نمره ستع بنزرع له كلى
فتساءل الابن الأصغر ذاهلا:احنا أبونا عمره ما اشتكى من الكلى؟
رد المدير قائلا:يمكن كان مخبى عليكم يا كابتن .. على العموم تقدروا تروحوا وتيجوا تتطمنوا عليه بكره
فلما عادوا فى اليوم التالى, قابلهم البروفيسير صاحب المستشفى وعلى وجهه بعض الاجهاد قائلا فى لوم:انتوا كنتوا فين؟ ... ده الحاج كان عاوز يشوفكم قبل ما يدخل يعمل عملية التربنه فى مخه فى أوضة العمليات نمره 12
فصرخ الأبناء الثلاثه: هو أبونا عنده تربنه؟!!
رد المدير:انتوا كنتوا حتعرفوا منين مادام عمركم ما وديتوه لدكتور ... عموما اطمنوا.. الحاج فى ايدين أمينه .. تعالوا بكره اطمنوا عليه
فلما أتو فى الغد استقبلهم البروفيسير قائلا:تعرفوا ان الزايده كانت حتنفجر لولا اننا لحقنا الحاج وشيلناها له ... ورجله الشمال كان حيجى فيها شلل أطفال لولا اننا ركبنا له خمسين مسمار أبلاتين فيها... ده غير البروستاتا اللى زرعناها له ... والصلع اللى عالجناهوله علشان شعره يطلع من جديد
فابتلع أبناء(زعران)لعابهم فى ذهول وسألوا فى صوت واحد:يعنى نقدر نشوف أبونا دلوقتى؟؟
رد المدير قائلا: طبعا تقدروا تشوفوه ... أوضة المشرحه نمره سبعه آخر أوضه شمال
فصرخ الأبن الأكبر: مشرحه؟!!!..... هو أبونا مات؟
فرفع البروفيسير يده للسماء قائلا: موتة ربنا .. أعمار.. بعد ما عملناله كل العمليات دى ونجحت.. إرادة ربنا شاءت انه يموت موته طبيعيه فوق سريره ... أبوكم ده أصله راجل مبروك وأمه دعياله
فتعال الصراخ والعويل من زوجات الأبناء الثلاثه, وحاول الابن الأكبر أن يتماسك وهو يقول:ياترى نقدر ناخد الجثه؟
فأجابه الطبيب :طبعا ياكابتن.. بس بعد ما تسددوا تمن العمليات اللى عملناها للمرحوم ... هى ماتكلفتش كتير ... ستين ألف جنيه بس
فصرخ الأبناء الثلاثه فى ذهول ولمع الشر فى عيونهم, ولكن ظهور عشرة حراس أقوياء من داخل المستشفى أقنع الأبناء بالصمت, وحذرهم مدير المستشفى قائلا:مفيش جثه قبل ما تسددوا الستين ألف جنيه يا كباتن
وأشار للحراس فانقضوا على الابن الأكبر واقتادوه الى داخل المستشفى كالشاة الذبيحه
وقال المدير للباقين:إحنا حنخليه عندنا رهم لحد ما تسددوا تمن العمليات وتستلموا جثة المرحوم
فأسرع الابن الأوسط و الأصغر كالمحمومين وسافرا ليعرضا فدادين الأب الثلاثه وبيته للبيع, ولم يكتمل لهما المبلغ إلا بعد أن باعا أيضا أثاث منزليهما
وهرعا الى المستشفى وقدما المبلغ للبروفيسير فأخذه باسما ووضعه فى خزانته الكبيره, وقال فى لهجة ودوده:أظن دلوقتى مفيش مشكله ياكباتن ...تقدروا تستلموا جثة المرحوم والدكم
فتساءل الاخوان فى لهفة: وأخونا الكبير؟
أجابهم البروفيسير متنهدا: مافتكرش تقدروا تاخدوه دلوقتى.. لأننا بنعمله عملية فى القلب فى أوضة العمليات نمره 24